الماس الكهربائي‏..‏ المتهم الحاضر دائما‏ !!!

مع كل حريق يحدث في مكان حيوي بمصر تشير أصابع الاتهام إلي الماس الكهربائي وكأن هذا الماس يحدث من عدم أو فجأة أو دون سابق إنذار‏!!‏ أو أنه لا توجد وسائل لمنع حدوثه أو الوقاية منه‏!‏ أساتذة الهندسة الكهربائية يؤكدون أن الماس الكهربي يحدث في المقام الأول نتيجة الإهمال في التركيب وغياب وسائل الأمن وانعدام الصيانة عن الشبكات الكهربائية‏.‏

في البداية يرفض الدكتور عادل شبل أستاذ التحكم الآلي والعميد الأسبق لهندسة شبين الكوم أن تشير أصابع الاتهام دائما إلي الماس الكهربائي‏,‏ ويوضح أنه لا يحدث من فراغ فالشرر الكهربي الذي ينتج عما يطلق عليه ماس كهربي يأتي نتيجة وجود فراغ بين سلكين كهربائيين ومن الضروري أن يمر التيار الكهربي بينهما حتي يحدث هذا الشرر لينتقل من نقط إلي أخري عبر الهواء‏,‏ ويشير إلي أن السبب في هذا الفراغ هو الإهمال في المقام الأول فهذه الفجوة تحدث في أثناء التركيب حيث يتم توصيل الأسلاك بشكل عشوائي يسمح بوجود هذا الفراغ‏.‏ أما حجم الشرارة فيتحدد وفقا للتيار الذي ينتقل من سلك إلي آخر عبر الهواء فيمكن أن يكون شرر بسيط جدا ولا يسبب المشكلات وفي حالة الجهد العالي والتيارات القوية يكون الشرر قويا وقد يسبب الحريق الذي يزداد وفقا للعوامل المحيطة بالشرر مثل الحرارة أو الرطوبة أو البرودة‏.‏

ويشير أيضا إلي أن هناك فجوات بين الأسلاك لا تسبب المشكلات‏,‏ ويرجع ذلك إلي ضعف التيار الكهربي الذي يسير فيها ولكن مع زيادة التحميل تظهر بقوة‏.‏

ويؤكد ضرورة مراجعة كل الأسلاك والتوصيلات في الأماكن المهمة وحتي المنازل‏,‏ تجنبا لمثل هذه الأحداث المأساوية وأيضا اتباع نظام للصيانة والأمان فيوجد ما يعرف بسلك دلاكر أو قطع أتوماتيكي للتيار وعند حدوث أي شرر أو مشكلة في الكهرباء يتم فصل التيار مباشرة وهذا ما يحدث في المنازل ولكنه يشير أيضا إلي ضرورة وجود صيانة دورية لأجهزة الأمان مثل إنذار الحريق الذي لابد أن يعمل عند حدوث أي دخان ولو كان بسيطا مثلما يحدث في دول العالم كله‏,‏ أما الصيانة الدورية فيجب أن تتم كل عام مع مراجعة مختلف التوصيلات للتأكد من عدم وجود فراغ‏.‏ أما الدكتور فاروق الحكيم الأمين العام لجمعية المهندسين الكهربائيين فيؤكد ضرورة عدم استباق الأحداث واتهام الماس الكهربائي بهذا الحريق الهائل‏,‏ فهناك دراسات تؤكد أن العنصر البشري يتسبب في‏85%‏ من الحوادث فيما الأجهزة والمعدات ونظم الصيانة تتسبب في‏15%‏ من الحوادث ولذلك لابد من التحدث عن العنصر البشري في هذا الحادث فكما رأينا في وسائل الإعلام كانت هناك أعمال صيانة لمبني الشوري وكلنا نعلم أن المواد الخاصة بالدهانات قابلة للاشتعال

فإذا تعرضت لأي مصدر حراري قد تؤدي إلي حريق هائل بالإضافة إلي وجود أسباب أخري عديدة كاستقدام السخانات والمواقد‏.

ويشير الدكتور فاروق إلي غياب نظم الأمن والسلامة في معظم الأماكن الحيوية والأجهزة الحكومية فلماذا لم تعمل أجهزة الإنذار فأين سيناريوهات إخلاء المباني؟ وأين الفرق المدربة علي التدخل السريع في حالة الطوارئ؟ وهنا لابد أن نذكر وجود مراكز كثيرة تقدم الدورات التدريبية الخاصة بالسلامة المهنية مثل جمعية المهندسين الكهربائيين التي حصلت علي الترخيص رقم‏(1)‏ من وزارة القوي العاملة في التدريب التخصصي والنوعي في مجال السلامة والصحة المهنية وتأمين بيئة العمل وللأسف فإن الأعداد المتقدمة تكون قليلة جدا والسبب يعود إلي رغبة المؤسسات في توفير مبالغ من ميزانيتها وتستقطعها من بند التدريب‏,‏ ويدعو الدكتور فاروق الجهات الحكومية والخاصة أيضا إلي ضرورة الاهتمام بالتدريب للعاملين علي خطط الطوارئ وإخلاء المباني ومكافحة الحرائق‏.‏ و اختيار القطاعات والأسلاك والكابلات يجب أن يتناسب مع الأجهزة والتيار داخل المبني فلا تختار مثلا سلكا قطره‏6‏ مللي لجهاز يحتاج إلي سلك قطره‏10‏ مللي وذلك ليتحمل السلك التيار الكهربي ولا يحدث الشرر‏.‏

وعن وسائل الحماية وصيانة المعدات يقول إن جميع الأجهزة والمعدات لها وسائل حماية خاصة بها مثل قواطع التيار الأتوماتيكية ولكنه يقول إن العديد من الأماكن الحكومية تعامل الأجهزة بقاعدة دع الجهاز يعمل إلي أن يتوقف‏!!‏ فتغيب الصيانة الدورية للأجهزة والمعدات والشبكات الكهربائية إلي أن يحدث بها عطل ويبدأ البحث عن صيانتها في هذا الوقت‏.‏

وفي النهاية يجب أن يبقي الماس الكهربائي بريئا إلي أن تثبت إدانته‏!

المصدر : الأهرام -